خطاب وراء الآخر، أزمة تليها قضية، وما زال مسلسل اختفاء الخطابات داخل اتحاد الكرة، مستمرًا، دون الحصول على إجابة شافية حول اللهو الخفي الذي يمنع تلك المراسلات، ويخلق الأزمات.
اختفاء الخطابات داخل اتحاد الكرة
البداية كانت في 19 يناير، عندما وصل خطاب من الاتحاد الأفريقي لجميع اتحادات القارة، بعرض تنظيم 7 بطولات، وهي: نهائي دوري أبطال أفريقيا، نهائي الكونفدرالية، نهائيات دوري أبطال أفريقيا للسيدات، بطولة أمم أفريقيا للمنتخبات تحت 23 سنة، بطولة أفريقيا لكرة الصالات 2024، بطولة أفريقيا لكرة القدم الشاطئية 2024، وبطولة أمم أفريقيا لمنتخبات السيدات 2024.
14 أبريل 2022.. أرسل اتحاد الكرة خطابًا رسميًّا إلى وزارة الشباب والرياضة، يطلب خلاله تنظيم 5 بطولات من أصل 7، أعلن عنها «كاف»، دون التطرق نهائي دوري أبطال، ونهائيات دوري أبطال أفريقيا للسيدات.
أسئلة دون أجوبة
الاتحاد الأفريقي لكرة القدم «كاف»، فجر الأزمة وكشف عن كيفية إدارة اتحاد الكرة المصري، عندما أعلن أن ملعب نهائي أبطال أفريقيا سيكون في دولة المغرب دون غيرها، ليفتح بابًا من التساؤلات، ولماذا لا يقام في مصر، خاصة وأن طرفي النهائي كانا الأهلي المصري، والوداد المغربي.
وبالفعل وسط حالة من غضب وتساؤلات دون أجوبة، أقيم نهائي البطولة في المغرب، وخسر الأهلي أمام الوداد المغربي، بهدفين نظيفين، في مباراة شهدت عدم تكافؤ الفرص بين الفريقين، خاصة وأنها أقيمت من جولة واحدة.
من أخفى الخطاب؟
من أخفى خطاب تنظيم مباراة نهائي دوري أبطال أفريقيا؟.. هكذا فتح محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي، ملف اتحاد الكرة مع إخفاء الخطابات الواردة إليه من جانب الاتحادات القارية والدولية، والتي تخص الاندية على جميع الأصعدة.
لم يكن تساؤل الخطيب، سوى بداية لملف كان غامضًا لم يتطرق إليه أحدًا من قبل، بعيدًا عن مباراة النهائي وما آلت إليه النتيجة، إلا أن الأزمة الحقيقة ظهرت في تجاهل اتحاد الكرة لخطاب الاتحاد الأفريقي بشأن الترشح لتنظيم المباراة النهائية أكبر بطولات الأندية في القارة، وهو ما أغضب مسؤولي الأهلي، حيث أكدوا عدم علمهم بوجود هذا الخطاب حيث لم يصلهم نسخة منه، ولا إبلاغهم من الأساس.
رئيس النادي الأهلي، كشف أن من أخفى خطاب التنظيم فى اتحاد الكرة، تعمد تفعيل بعض البنود، وحذف البند الخاص بالمباراة النهائية، مشددًا على أن هذا المسؤول أضاع حق مصر قبل حق الأهلي.
تهرب من المسؤولية
المجلس الحالي لاتحاد الكرة، حاول إخلاء مسؤوليته من الأزمة، مدعين أن خطاب الاتحاد الأفريقي لتنظيم المباراة، وصل أثناء تولي اللجنة الثلاثية المعينة، وقبل تسلم المجلس الحالي مسؤوليته، إلا أن أحمد مجاهد رئيس اللجنة الثلاثية، أكد أن الخطاب وصل بعد مغادرتهم الجبلاية.. ثم أدعى البعض أنهم بالفعل أرسلوا خطابًا لوزارة الشباب والرياضة من أجل تنظيم المباراة.
اتحاد الكرة يتهم الأهلي
اتحاد الكرة من جانبه، نفى وجود أي شبهة تعمد لأخفاء خطاب الاتحاد الأفريقي بشأن تنظيم المباراة النهائية من دوري أبطال أفريقيا، عبر مديره التنفيذي والمتحدث الرسمي باسمه، وليد العطار، قائلًا: «لا يوجد أي مكسب لاتحاد الكرة من إخفاء الخطاب، ويتم إرسال نظام البطولة للأندية، وعلى الدولة الراغبة تقدم طلب التنظيم، وكل الأندية لديها علم بنظام البطولة، لا يوجد تعمد لأي شيء، ماذا سنستفيد؟».
ووفقًا للمتحدث باسم اتحاد الكرة، يتم مراسلة وزارة الرياضة للحصول على موافقة تنظيم البطولات المجمعة، وفي حال طلب أي نادي تنظيم بطولة أو مباراة، يرسل رغبته، وهو ما فعله نادي بيراميدز، عندما طلب تنظيم نهائي الكونفدرالية، في الوقت الذي لم يرسل الأهلي أي خطاب بشأن تنظيم نهائي دوري أبطال إفريقيا.
وليد العطار، رفض اتهام الاتحاد بالتعنت ضد نادي بعينه، مستشهدًا بوجود فريقي الأهلي والزمالك، في بداية المسابقة، وهو ما ينفي وجود أي تعمد ضد أي نادي.
«لا يوجد عضو في اتحاد الكرة يعلم شيء عن خطاب الاتحاد الإفريقي».. هكذا علق عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة، حازم إمام، على اختفاء خطاب «كاف» بشأن تنظيم نهائي دوري أبطال إفريقيا، قائلًا: «الخطاب موصلناش ومكناش نعرف حاجة عنه»
ورأى عضو اتحاد الكرة، أن حدوث الخطأ وارد، لكنه لن يكون متعمدًا، وربما بسبب كثرة الأحداث والفرق المشاركة في البطولات الإفريقية، سقط الخطاب سهوًا ولم يتطرق إليه.
من المسؤول؟
بدورها شكلت وزارة الشباب والرياضة، لجنة للتحقيق في الواقعة لمعرفة المتسبب، عن طريق مراجعة وتفقد جميع الخطابات الواردة من الكاف،ومخاطبة الاتحاد الإفريقي للتحقق من الأمر.
وأسفرت نتائج التحقيق، بتحمل اتحاد الكرة المصري، مسؤولية اختفاء خطاب استضافة نهائي دوري أبطال أفريقيا، وذلك لعدم قيام الإدارة التنفيذية للاتحاد، بعرض الأمر في حينه حتى يتم اتخاذ القرار الملائم في ضوء ذلك وفقا للاختصاصات، واعتبرته خطأ إداريًا.
خطاب منع القيد.. الزمالك
الأمر لم يقتصر على الخطابات الروتينية، مثل تنظيم البطولات، رغم أهميتها، بل وصل إلى إخفاء خطاب عقوبة الاتحاد الدولي «فيفا»، إلى نادي الزمالك، الذي ينص على منع الفريق الأول لكرة القدم بالنادي، من القيد لفترتين متتاليتين، بسبب أزمة لاعبه حسام أشرف، الذي وقع على عقد لاعب محترف في وقت سابق، ولمدة 5 سنوات، عقب توقيعه لإحدى الأكاديميات بالكاميرون.
وتضمن الخطاب المُرسل في شهر يونيو من العام الماضي، إلى نادي الزمالك، إيقاف القيد مع غرامة مالية قدرها 222 ألف يورو لصالح الأكاديمية، التي سبق ووقع لها لاعب النادي، وإيقاف اللاعب نفسه لمدة 4 شهور تبدأ من تاريخ تسلم الخطاب في يونيو الماضي.
خطاب منع القيد الذي تم إرساله من الاتحاد الدولي، إلى اتحاد الكرة المصري، ظل مختفيًا عن أنظار الجميع، حتى حقق الزمالك بطولة الدوري للموسم المنقضي، وهو ما ألمح إليه بعض المنافسين وعلى رأسهم محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي، بأنه نوع من أنواع التواطؤ مع أحد الأندية على حساب الآخر.
وعلق الخطيب، على تصريحات أحد المسؤولين، بأنه قال إن الاتحاد وصل له خطابًا بحرمان أحد الأندية من القيد، ونجحوا في التكتم عليه، ليطرح تساؤله: «كيف يقول ذلك، ولماذا لم يعلق على حديثه أحد؟».
اتحاد الكرة: الخطاب لا يخص أحد
رئيس اللجنة المكلفة بإدارة اتحاد الكرة المصري، أحمد مجاهد، نفى وجود أي تستر على نادي الزمالك أو إخفاء معلومات تخص أزمة وقف قيد لاعبيه، حيث أن الخطاب لا يخص باقي الأندية، ولا يؤثر عليها، والإعلان عن الخطابات يكون في حالات آخرى، مثل قرار خصم النقاط من أحد الأندية.
«إخفاء الخطاب شطارة»
رئيس اللجنة المؤقتة في نادي الزمالك حينها، حسين لبيب، أخلى مسؤوليته من إخفاء اتحاد الكرة للخطاب، قائلًا: «لا أعرف كيف أخفى اتحاد الكرة الخطاب، ولست مسؤولًا عن ذلك.. أنا أعرف فقط كيف أخفيته داخل الزمالك».
ووصف لبيب إخفاء خطاب منع القيد، وعدم معرفة أحد بوجوده، بأنه «شطارة» منه لعدم تشتيت لاعبي فريقه الذي كان ينافس حينها على بطولة الدوري، حيث استخدم مهاراته، لعدم ظهور الخطاب أو تسريبه، إلا بعد الحصول على بطولة الدوري.
وأشار إلى أتفاقه مع مجاهد ووليد العطار، مسؤولي اتحاد الكرة، حينها، لترتيب كل شيء من أجل إخفاء الخطاب، مشددًا على أنه لم يخالف اللوائح أو القوانين بإخفاء الجواب، حيث أن المخالفة هو عدم قيد اللاعيبن، وهو ما حدث وتم الرضوخ للعقوبة.
خطاب آخر أخفاه الاتحاد
«اتحاد الكرة المصري أخفى الخطاب عن الأندية المصرية، قبل أن يرسل الخطاب مؤخرًا لنادي الزمالك».. واقعة جديدة كشف عنها مرتضى منصور، رئيس نادي الزمالك، حيث أرسل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم خطابًا للاتحاد المصري، أكد خلاله أن أي ناد لم يسدد أي مستحقات عليه لأي نادي أو لاعب لن يحصل على رخصة المشاركة في البطولات الأفريقية.
رئيس الزمالك، أعلن أنه تقدم بشكوى ضد الاتحاد المصري، لكرة القدم بسبب إخفاء الخطاب، قبل أن يرسله بتاريخ 12 يونيو، حيث يطالب فيه بسداد المبلغ المستحق لنادي ماريتمو البرتغالي في صفقة محمد إبراهيم، لاعب الزمالك السابق.
بدوره علق الإعلامي أحمد شوبير، عن أزمة الخطاب، التي تهدد نادي الزمالك بالحرمان من المشاركة الأفريقية في الموسم المقبل، حيث صدر ضده أحكام لصالح سبورتنج لشبونة يوم 13 يناير، ووصلت حيثيات الحكم 8 مارس، تضمنت تهديد بعقوبات تأديبية مثل حرمان القيد وخصم نقاط، قبل أن يستأنف الزمالك، وتعلق العقوبات التأديبية يوم 17 أبريل.
وحسب شوبير على نادى الزمالك تسديد الغرامات في قضيتي شيكابالا ومحمد إبراهيم، قبل 30 يونيو، وهو ما تم بالفعل، حتى يستطيع الحصول على رخصة الأندية المحترفة من الاتحاد الأفريقي.
وتضمن الخطاب الذي أخفاه اتحاد الكرة، في حالة عدم تسديد الزمالك لتلك الغرامات ستوقع عليه عقوبات جديدة، ولن يشارك في دوري الأبطال، ولن يحصل على رخصة الأندية المحترفة إلا بعد تسديد هذه الغرامات.
ويلزم الاتحاد الإفريقي لكرة القدم الاتحادات الأهلية داخل القارة على تسليم ملف تراخيص الأندية المشاركة في المسابقات الإفريقية بالموسم المقبل، في موعد أقصاه يوم 30 يونيو الجاري.
بعد تلك الوقائع التي تكشف إلى كيفية الإدارة داخل اتحاد الكرة المصري، سواء الكيل بمكيالين، من نادي لآخر، أو الإهمال الذي يتعامل به مسؤوليه في قضايا لا تخصه وحده، بل يصل ضررها إلى الأندية، يتساءل البعض، هل من مزيد من الخطابات المخفية، أم ننتظر مزيدًا من الملفات التي تدار بإهمال؟.